من منا لم يتعلق بالأبيات الشعرية الرومانسية التي تخاطب العشاق، الذين أصبح سعيهم في البحث وإيجاد شعر عن الحب، مطلبًا أساسيا لكي يجدوا من يعبر عن مكنوناتهم الداخلية ومشاعرهم تجاه الجنس الآخر. .
ويعد الحب في الشعر العربي أحد الأفرع الشعرية العربية الذي تعددت أنواعه فهناك شعر المدح والحماسة والفخر والهجاء والرثاء والحكمة، ولكن أشهرها شعر الحب والعشق الذي يعد من أهم أنواع الشعر العربي.
فلا نجد عصرًا أو مرحلة من العصور التي مرت على الشعر العربي إلا والغزل من أهم ما كُتب في شعرها، ولكن شعرَ الحب والعشق اختلف بين العصور بسبب طبيعة الحياة والبيئة المحيطة بالشاعر.
اقرأ أيضًا: معلومات عن ملك حفني ناصف باحثة البادية.. حياتها وأعمالها
وقام الشعر العربي على أغراض مختلفة منذ العصر الجاهلي، وقد كانت هذه الأغراض بمثابة الدافع الذي دفع الشاعر لكتابة شعره، الذي تأثّر ببيئة الشاعر وبمشاعره وأحلامه وآماله
ولا خلاف في أن كل شعراء العرب في الحب كانوا مبدعين في معانيهم وألفاظهم فصاغوا أجمل أبيات الحبِّ الخالدة.
شعر عن الحب
من أشهر شعراء الحب في العصر العباسي “أبو الفضل العباس بن الأحنف“، وهو شاعر رقيق الغزل، قال عنه البحتري إنه أغزل الناس، شريف النسب، أصله من بني حنيفة، خالف الشعراء في طريقتهم فلم يتكسب بالشعر، وكان أكثر شعره بالغزل والنسيب والوصف.
من أشعاره “أرجو وصلكم”
قَد كُنتُ أَرجُـو وَصلَكُم فَظَلَلتُ مُنقَطِعَ الـرَّجاءِ
أَنتِ الَّتِي وَكَّلتِ عَيـنِي بالسُّهادِ وَبِالبُكاءِ
إِنَّ الهَوَى لَو كَانَ يَنفُذُ فِيهِ حُكمِي أَو قَضائِي
لَطَلَبتُهُ وَجَمَعتُهُ مِن كُلِّ أَرض أَو سَماءِ
فَقَـسَمتُهُ بَينِي وَبَينَ حَبيبِ نَفسِي بِالسَّواءِ
فَنَعيشَ مَا عِشنا عَلَى مَحضِ المَوَدَةِ وَالصَّفاءِ
حَتَّى إِذَا مُتنَا جَميعا والأُمورُ إلى فَناءِ
مَاتَ الهَوَى مِن بَعدِنا أَو عَاشَ فِي أَهل الوَفاءِ
وتسائل قيس بن الملوح”مجنون ليلى”– وهوشاعر غزل عربي من المتيمين من أهل نجد- عن سبب هجر حبيبته في قصيدة “علام هجرتني”
فَـوَاللهِ ثَـمَّ وَاللهِ إِنِّـي لَـدائِـبٌ أُفَكِّرُ مَا ذَنبِـي إليك فَأَعجَـبُ
وَوَاللهِ مَـا أَدرِي عَـلامَ هَجَرتِنِـي وَأَيَّ أُمورِي فِيكِ يا لَيـلَ أَركَـبُ
أَأَقطَعُ حَبلَ الوَصلِ فَالمَـوتُ دُونَـهُ أَمَ اشرَبُ كَأساً مِنكُمُ لَيسَ يُشـرَبُ
أَمَ اهرُبُ حَتَّى لا أَرَى لِي مُجـاوِراً أَمَ افعَلُ مَـاذَا أَم أَبـوحُ فَأُغلَـبُ
فَأَيُّهُمـا يـا لَيـلَ مَـا تَفعَلينَـهُ فَـأَوَّلُ مَهجـورٌ وَآخَـرُ مُعتَـبُ
فَلَو تَلتَقي أَرواحُنـا بَعـدَ مَوتِنـا وَمِن دونِ رَمسَينا مِنَ الأَرضِ مَنكِبُ
لَظَلَّ صَدَى رَمسِي وَإِن كُنتُ رِمَّـةً لِصَوتِ صَدَى لَيلَى يَهُشُّ وَيَطـرَبُ
وَلَو أَنَّ عَيناً طاوَعَتنِـيَ لَـم تَـزَل تَرَقرَقُ دَمعاً أَو دَماً حينَ تَسكُـبُ
شعر عن العشق
ويقول ابن الفارض في شعره عن العشق، وهو أحد أشهر الشعراء المتصوفين، والتي كانت أشعاره غالبها في العشق الإلهي حتى أنه لقب بـ “سلطان العاشقين”.
قلبي يُحَدّثني بأَنّكَ مُتْلِفِي روحي فِداكَ عرَفْتَ أمَ لم تَعْرِفِ
لم أَقْضِ حَقّ هَواكَ إن كُنتُ الذي لم أقضِ فيِه أسىً ومِثليَ مَنْ يَفي
ما لي سِوَى روحي وباذِلُ نفسِهِ في حُبّ مَن يَهْواهُ ليسَ بِمُسرِف
فلَئِنْ رَضِيتَ بها فقد أسعَفْتَني يا خَيبَة المَسْعَى إذا لم تُسْعِفِ
يا مانِعي طيبَ المَنامِ ومانِحي ثوبَ السّقامِ بِهِ ووَجْدِي المُتْلِفِ
عَطفا على رَمقي وما أبقَيتَ لي منْ جسميَ المُضْنى وقلبي المُدَنَفِ
فالوَجْدُ باقٍ والوِصَالُ مُماطلي والصّبْرُ فانٍ واللّقاء مُسَوّفي
لم أَخلُ من حَسَدٍ عليك فلا تُضِعْ سَهَري بتَشْنِيع الخَيالِ المُرجِفِ
واسأَلْ نجومَ اللّيلِ هل زارَ الكَرَى جَفني وكيف يزورُ مَن لم يَعْرِفِ
لا غَرْوَ إن شَحّتْ بغُمْضِ جُفُونها عيني وسَحّتْ بالدّموعِ الذّرّفِ
وبما جرَى في موقفِ التوديعِ مِنْ ألمِ النّوَى شاهدتُ هَولَ الموقفِ
إن لم يكن وْصلٌ لدَيْكَ فعِدْ به أَمَلي وَمَاطِلْ إنْ وَعَدْتَ ولا تفي
فالمَطْلُ منكَ لدَيّ إنْ عزّ الوفا يحلو كوَصَلٍ من حبيبٍ مُسْعِفِ
ولإيليا أبو ماضي – الشاعر اللبناني المعروف- رأي آخر في شعره عن العشق فيقول في قصيدة “العيون السود”
ليت الذي خلق العيـون السـودا خلق القلوب الخافقـات حديـدا
لـولا نواعسهـا ولولا سحرهـا مـا ود مـالك قلبـه لو صيـدا
عَوذْ فـؤادك من نبال لحاظها أو متْ كما شاء الغرام شهيدا
إن أنت أبصرت الجمال ولَم تـهم كنت امرءاً خشن الطباع ، بليدا
وإذا طلبت مـع الصبابـة لـذةً فلقد طلبـت الضائـع الموجـودا
يا ويـح قلبِـي إنـه فِي جانبـي وأضنـه نائـي الـمـزار بعيـدا
مستـوفـزٌ شوقا إلَى أحبابـه المـرء يكـره أن يعيـش وحيـدا
برأ الإلـه لـه الضلـوع وقايـةً وأرتـه شقوتـه الضلـوع قيـودا
فإذا هفـا بـرق المنـى وهفا لـه هاجـت دفائنـه عليـه رعـودا
لو أستطيع وقيتـه بطـش الهـوى ولو استطاع سلا الهـوى محمـودا
هي نظرة عَرَضت فصارت فِي الحشا ناراً وصار لَهـا الفـؤاد وقـودا
و الحب صـوتٌ، فهو أنـةُ نائـحٍ طـوراً وآونـة يكـون نشيـدا
يهـب البواغـم ألسنـاً صداحـة فـإذا تجنـى أسكـت الغـريـدا
ما لي أكلف مهجتـي كتم الأسى إن طال عهد الجرح صار صديـدا
ويلـذُّ نفسـي أن تكـون شقيـةً ويلـذ قلبـي أن يكـون عميـدا
إن كنت تدري ما الغرام فداونـي أو ، لا فخـل العـذل والتفنيـدا
شعر عن الحب والعشق للحبيب
كان للشاعر المصري على الجارم رأي آخر في شعره فكتب “مالي فُتنت”
مَا لِـي فُتِنْـتُ بلحْظِـكِ الْفَتَّـاكِ وسَلَـوْتُ كُـلَّ مَلِـيـحَـةٍ إِلاَّكِ
يُسْرَاكِ قَدْ مَلَكَتْ زِمـامَ صَبَابَتِـي ومَضَلَّتِـي وهُـدَايَ فِـي يُمْنَـاكِ
فَإِذا وَصَلْتِ فَكُـلُّ شَـيْءٍ باسِـمٌ وإِذا هَجَرْتِ فكُـل شيء باكِـي
هَذَا دَمِي فِـي وَجْنَتَيْـكِ عَرَفْتُـهُ لاَ تَسْتَطِيـعُ جُـحُـودَهُ عَيْنَـاكِ
لَو لَم أَخَفْ حَرَّ الْهَـوَى وَلَهِيبَـهُ لَجَعَلْتُ بَيْـنَ جَوَانِحِـيِ مَثْـوَاكِ
إِنِّي أَغارُ مِـنَ الْكـؤُوسِ فَجنِّبِـي كـأْسَ الْمُدَامَـةِ أَنْ تُقَبِّـلَ فَـاكِ
قَـالَـتْ خَلِيلتُـها لَهَـا لِتُلينَـها مَاذَا جَنَـى لَمَّـا هَجَـرْتِ فَتَـاكِ
هِيَ نَظْرَةٌ لاقَـتْ بِعَيْنِـكِ مِثْلَـهَا مَـا كَـانَ أَغْنَـاهُ وَمَـا أَغْنـاكِ
قَد كَانَ أَرْسَلَـها لِصَيْـدِكِ لاَهِيـاً فَفَرَرْتِ مِنْهُ وَعادَ فِـي الأَشْـرَاكِ
عَهْدي بِهِ لَبِقَ الْحَديـثِ فَمَـا لَـهُ لاَ يَسْتَطيعُ الْقَـوْلَ حِيـنَ يَـرَاكِ
إِيَّـاكِ أَنْ تَقْضِـي عَلَيْـهِ فَـإِنَّـهُ عَـرَفَ الحياة بِحُبِّـهِ إِيَّـاكِ
إِنَّ الشَّـبَابَ وَدِيـعَـةٌ مَـرْدُودَةٌ والزُّهْـدُ فِيـه تَزَمُّـتُ النُّسَّـاكِ
فَتَشَمَّمِـي وَرْدَ الْحَيـاةِ فَـإِنَّـهُ يَمْضِي وَلاَ يَبْقَى سِـوَى الأشْـوَاكِ
وكتب المتنبي لحبيبته قصيدة “لعينيك ما يلقى الفؤاد”
لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي
وَما كنتُ ممن يَدْخُلُ العشق قلبَه وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ
وَبينَ الرّضَى وَالسُّخطِ وَالقُرْبِ وَالنَّوَى مَجَالٌ لِدَمْعِ المُقْلَةِ المُتَرَقرِقِ
وَ أحلى الهَوَى ما شك في الوَصْلِ رَبُّهُ وَفي الهجرِ فهوَ الدهر يَرْجو وَيَتّقي
وَغضْبَى من الإدلالِ سكرَى من الصّبى شَفَعْتُ إلَيها مِنْ شَبَابي برَيِّقِ
شعر عن الحب لـ نزار قباني
من أشهر الشعراء المعاصرين الذين كتبوا في الحب والعشق قصائد وتغنى بشعره مطربين كُثر، ومن أشهر قصائده عن الحب
“اختاري”
إني خيرتُك فاختاري
ما بين الموت على صدري
أو فوق دفاتر أشعاري
اِختاري الحبَّ أو اللاحبَّ
فجُبنٌ ألا تختاري
لا توجدُ منطقة وسطى
ما بينَ الجنّةِ والنارِ
اِرمي أوراقكِ كاملة
وسأرضى عن أيِّ قرارِ
قولي. اِنفعلي. اِنفجري
لا تقفي مثلَ المسمارِ
لا يمكنُ أن أبقى أبدا
كالقشّةِ تحتَ الأمطارِ
غوصي في البحرِ أو ابتعدي
لا بحرٌ من غيرِ دوارِ
الحبُّ مواجهةٌ كبرى
إبحارٌ ضدَّ التيارِ
صَلبٌ.. وعذابٌ.. ودموعٌ
ورحيلٌ بينَ الأقمارِ
“تحديات“
أتحدّى..
من إلى عينيكِ ، يا سيّدتي ، قد سبقوني
يحملونَ الشمسَ في راحاتهمْ
وعقودَ الياسمينِ
أتحدّى كلَّ من عاشترتِهمْ
من مجانينَ ، ومفقودينَ في بحرِ الحنينِ
أن يحبّوكِ بأسلوبي ، وطيشي ، وجنوني
أتحدّى..
كتبَ العشقِ ومخطوطاتهِ
منذُ آلافِ القرونِ
أن ترَيْ فيها كتاباً واحداً
فيهِ ، يا سيّدتي ، ما ذكروني
أتحدّاكِ أنا.. أنْ تجدي
وطناً مثلَ فمي
وسريراً دافئا مثل عيوني
أتحدّاهُم جميعا
أن يخطّوا لكِ مكتوبَ هوى
كمكاتيبِ غرامي
أو يجيؤوكِ –على كثرتهم-
بحروفٍ كحروفي وكلام ككلامي
وهكذا في نهاية عرضنا، نكون قد قدمنا لكم أبيات من شعر عن الحب، لأجمل الشعراء عبر التاريخ