مشاهير

عاش في فندق 18 عاماً.. فكر في الزواج من وردة الجزائرية وفقد بصره على المسرح..قصة الفنان المصري أحمد زكي وأبرز محطات حياته

عاش في فندق 18 عاماً.. فكر في الزواج من وردة الجزائرية وفقد بصره على المسرح..قصة الفنان المصري أحمد زكي وأبرز محطات حياته

مدى بوست – فريق التحرير

بوجه أسمر وعينين حزينتين، احتل أحمد زكي قلوب الملايين لسنوات طويلة، لم يملك من الوسامة الكثير، لكن روحه الوثّابة، وحساسيته التي تظهر في كل خلجة من خلجاته، فنه الرفيع وموهبته التي لا تشبه غيرها، تجعله باقياً.

حتى بعد رحيله، لا يزال حضوره أقوى من غيابه، وأعماله الفنية محفوظة في القلوب والأذهان. لا يزال فتى أحلام النساء والمثال الجيد للصديق الشهم “ابن البلد” لدى الرجال.

هو الأكثر موهبة بين بناء جيله، بلغت قدرته على التقمص حداً خطيراً لدرجة أن زملاءه المملين كانوا يخشون انفعالاته الحقيقية في بعض المشاهد، وتنتشر الحكايات الكثيرة والغريبة عن تقمصه لأدوار معقدة وصعبة في أفلامه الأمر الذي ربما كان يؤثر بشكل أو بآخر على صحته الجسدية والنفسية.

عاش في فندق 18 عاماً.. فكر في الزواج من وردة الجزائرية وفقد بصره على المسرح..قصة الفنان المصري أحمد زكي وأبرز محطات حياته

نشأته وبداياته

ولد أحمد زكي عبد الرحمن في يوم 18 نوفمبر 1949 في مدينة الزقازيق، وكان ابناً وحيداً، توفى أبوه بعد ولادته، وتزوجت أمه بعد وفاته، فتولى جده تربيته.

حصل على الإعدادية ثم دخل المدرسة الصناعية، وهناك لمح فيه ناظر المدرسة الذي كان يحب المسرح موهبة خفيّة، فتبناه وشجعه على إظهارها، وفي حفل المدرسة دعا مجموعة من الفنانين من القاهرة، الذين شاهدوه في المسرحية المدرسية، ورأوا فيه كذلك موهبة ناضحة، فنصحوه بالالتحاق بمعهد الفنون المسرحية.

التحق أحمد زكي بمعهد الفنون المسرحية، وأثناء دراسته، ظهر في مسرحية حمادة ومها عام 1967 وفيها كان يقلد الفنان محمود المليجي، ثم عمل في مسرحية “هالوا شلبي” مع عبد المنعم مدبولي، واستطاع خلالها جذب الأنظار ليبدأ رحلته الفنية بعد تخرجه من المعهد عام 1973الأول على دفعته.

مثل زكي دور الشاعر الرقيق أحمد في مدرسة المشاغبين ليجذب النظر إليه أكثر وأكثر، ويشارك بعد ذلك في أعمال ناجحة مثل أولادنا في لندن والعيال كبرت، فرصته الكبرى كانت في تقديمه لشخصية عميد الأدب العربي طه حسين في مسلسل “الأيام” المأخوذ عن سيرته الذاتية. ثم في مسلسل “هو وهي” مع النجمة سعاد حسني ومن تأليف “سناء البيسي” وأغاني وأشعار “صلاح جاهين”.

السينما والجوائز

على الرغم من تألقه على خشبة المسرح، إلا أن السينما كانت العشق الأول والأخير لأحمد زكي، وكان أول ظهور له على شاشة السينما في فيلم ولدي عام 1972 أمام الفنان فريد شوقي، ثم نال أول دور بطولة مُطلقة له أمام سعاد حسني في فيلم شفيقة ومتولي.

جسد زكي الكثير من الأدوار الصعبة مثل دور الشاب الثائر في فيلم إسكندرية ليه، السائق الطموح في فيلم طائر على الطريق، البطل الرياضي الذي يحقق نجاحاً كبيراً في البلاد الأجنبية في فيلم النمر الأسود، الشاب الرومانسي في فيلم موعد على العشاء، المجند الساذج في فيلم البريء، والضابط النرجسي في فيلم زوجة رجل مهم

نال جائزته الأولى عن فيلم “طائر على الطريق”. ثم توالت الجوائز والتكريمات خلال مشواره الفني حيث حصل علي جائزة مهرجان الإسكندرية عن فيلم “امرأة واحدة لا تكفي” عام 1989، وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي عن فيلم “كابوريا” 1990، كما حصل على جائزة أحسن ممثل عن فيلم “أيام السادات” عام 2001، وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن فيلم “معالي الوزير” عام 2002..

بالإضافة إلي وسام الدولة من الطبقة الأولى الذي منحه إياه الرئيس المصري الراحل مبارك، كنوع من التكريم عن أدائه في فيلم “أيام السادات”، كما جسد شخصية الرئيس جمال عبد الناصر في فيلم “ناصر 56” وشخصية العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في فيلم “حليم”.

أحمد زكي وزوجته هالة فؤاد

حياته الشخصية

تزوج أحمد زكي من الفنانة “هالة فؤاد” بعد قصة حب، لكنهما انفصلا بعد سنوات، بسبب غيرته الشديدة عليها من الوسط الفني، فضلا عن طبيعة كلاهما العصبية للغاية، إلى جانب تدخّل حماه المخرج الراحل أحمد فؤاد المستمر في الكثير من شؤونهما، حتى أن زكي أخبر صديقه محمد عشوب في إحدى المرات أنه على استعداد أن يعود إلى هالة مرة أخرى بعد وقوع الطلاق بينهما، ولكن في حالة واحدة فقط، وهي بعد وفاة والدها.

وكاد أحمد زكي على وشك الانتـ.ـحار، فور علمه بوفاة هالة فؤاد في 10 مايو عام 1993، بعد صراع مع مرض سرطان الثدي دام لأربع سنوات، وأصيب بحالة هستيرية، بسبب حبه الشديد لها، ولام نفسه وقتها بأنه من تسبب في قتـ.ـلها.

أنجبا ابنهما الوحيد “هيثم أحمد زكي” الذي رحل عن عالمنا في يوم 7 نوفمبر عام 2019.

فكر أحمد زكي في الزواج، وكان يفاضل بين الفنانة فريدة فهمي أو المطربة وردة الجزائرية، رغم فارق السن، وبرر زكي هذا بأنه يتمنى الزواج من امرأة عاقلة و”راسية”، بحسب تعبيره. ولكنه تراجع عن فكرته، بعد اعتذار وردة منه على عدم قبولها الزواج منه، كيلا تُغضب أبنائها.

تقمصه أودى به إلى الإدمان

اثناء تصويره لفيلم “المدمن” عام 1988، أصر أحمد زكي على إدمان المخـ.ـدرات في الحقيقة، واستعان بمصور ليعيش معه طوال أسبوع في بيته، يصور كل تفاصيل حركاته وتعبيرات وجهه، خلال الحقن بالمواد المخدرة ثم متابعة آثار الانسحاب، ليتمكن من تقمص الدور بشكل كلي، وبعد انتهاء تصوير الفيلم، دخل أحمد زكي مصحة تأهيل ليتعافى بشكل كامل من الإدمان.

النوم في المشرحة في “موعد على العشاء”

في مشهد تعرف سعاد حسني على جثة زوجها في فيلم “موعد على العشاء” أصرّ أحمد زكي على المخرج محمد خان أن يدخل بنفسه ثلاجة الموتى في مشرحة زينهم. ويحكي عن هذه التجربة بأنه كاد أن يفقد حياته فعلاً، وأنه شعر بأن أعصابه تنسحب وكأن دقات قلبه تتباطأ، فحاول الضغط على قدمه بقوة لتنبيه أعصابه والبقاء على قيد الحياة.

كيف قلّد مشية جمال عبد الناصر؟

خلال تجسيده لشخصية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في فيلم “ناصر 56″، بدا للمشاهدين وكأن قامته قد استطالت لتماثل طول عبد الناصر، إلى جانب تقمصه لحركاته وحتى في مشيته المميزة.

ويروي الدكتور خالد عبد القادر الطبيب المعالج لأحمد زكي أنه نجح في تقليد مشية ناصر بهذه الديناميكية: “أقوم على أربعة مفاصل، وأتحرك ببطء، وأطلع برجليّ الأول، وأفرد ظهري، فأمنحك الإحساس بأنني أزيد في الطول، وبالتالي أعطيك الإحساس بأنني جمال عبد الناصر!

قضى 18 عاماً يعيش في فندق!

قضى أحمد زكي 18 عاماً في أحد فنادق القاهرة الكبرى، سكن بالكابينة رقم (138) المطلة على بركة السباحة للفندق متنقلا بين غرف محدودة ، ثم انتقل بعد ذلك إلى الغرفة 315 لمدة 3 سنوات ثم الغرفة 415 لمدة 6 سنوات ثم الغرفه 815 لمدة 4 سنوات ، وقبل عامين وفي عام 2002 انتقل للإقامة في جناح خاص (الغرفتان 2006-2007 بالدور الـ 20) ليصبح عنوانه وبيته الذي لم يغادره سوى لمرات محدودة إما للسفر خارج أو داخل مصر منذ منتصف الثمانينيات، تاركا شقته الكائنة بضاحية المهندسين.

والجناح رقم 2006 هو نفس الجناح الذي كانت تقيم فيه الفنانة الراحلة سعاد حسني أثناء تصويرها حلقات مسلسل “هو وهي” بالتلفزيون المصري في منتصف الثمانينات لمدة 6 أشهر، وهو ذاته الجناح الذي كانت تقيم فيه الفنانة شريهان وقت زواجها من علال الفاسي ، وأيضا نفس الجناح الذي كان يفضله الموسيقار الراحل بليغ حمدي لتأليف لحن جديد.

اعتاد زكي على الاستيقاظ في السابعة والنصف صباحاً، وكان أول شيء يفعله هو الاتصال بقسم تلفونات الفندق مرتين، الأولى ليطلب الصحف، والثانية لقسم خدمة طعام الغرف ليطلب الإفطار، ثم يتجه للصالة الرياضية بالفندق لممارسة الرياضة لمدة ساعة، ثم النزول إلى بهو الفندق، ثم العودة لغرفته للاستحمام استعداداً للخروج.

وفاته بعد صراع مع مرض سرطان الرئة

خلال تصويره لفيلم “حليم” عانى أحمد زكي من مضاعفات مرض سرطان الرئة الذي أصيب به بسبب تدخينه الكثيف للسجائر، وبدا المرض وكأنه وحده مع شخصية العندليب الذي مات كذلك بعد معاناة شديدة مع المرض، لدرجة أن المشاهد الأخيرة أسالت الدموع من عيون طاقم التمثيل والتصوير، وكان هناك فريقًا طبيًا كاملًا، مجهزًا بعربة إسعاف بها أسطوانة أكسجين، في 3 أماكن للتصوير.

عولج على نفقة الحكومة المصرية في الخارج، ثم عاد ليقضي أيامه الأخيرة في مستشفى “دار الفؤاد”. وقاوم زكي المرض لمدة 9 أشهر، ثم فقد بصره في مسرح المدرسة السعيدية، التي كان يصور فيها آخر مشهد من فيلم حليم، وهو يلوّح للجماهير.

حوار مع ملك الموت

ويحكي الدكتور ياسر عبد القادر أستاذ علاج الأورام بمستشفى قصر العيني، عن تفاصيل الفترة التي قضاها مع الفنان الراحل أحمد زكي قبل وفاته، وكيف كان يتعامل مع المرض.

ومن بين مواقفه الأخيرة، حكى الدكتور ياسر عن رغبة أحمد زكي في عمل حوار مع ملك الموت، فخاطبه: “أستأذنك 10 دقايق أعمل الصوان”، ثم قطع حواره مبرراً للطبيب: “معنديش ثقة ف حد إلا في نفسي”، ثم أكمل الحوار التخيلي: “أحضر حاجتي وأخلي العزاء بتاعي في الحامدية الشاذلية جنب البيت، أنزل أروح أرتب الصوان وأطلع لك تاني”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *